يخضع أطر هيئة التدريس للتقييم على الصعيد البيداغوجي من طرف المفتشين وعلى الصعيد الإداري من طرف مديري المؤسسات التعليمية. إلا أن منظومة التقييم لا تستند على المردودية كمعيار للتقييم.
منظومة تقييم لا تستند على المردودية حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات :
شكل تقييم موظفي قطاع التربية الوطنية، وخاصة أطر هيئة التدريس محورا مركزيا في كل الإصلاحات التي عرفها هذا القطاع نظرا لأهميته البالغة في التحسين المستمر للجودة وفي تحقيق نجاعة وعدالة المنظومة التربوية. غير أن نظام التقييم المعتمد حاليا من طرف وزارة التربية الوطنية يعتمد بالأساس على الأقدمية في ترقية الأساتذة في غياب تقييم للمردودية وفي ظل عدم وضع وتطبيق منظومة تقييم للموظفين تنبني على النتائج المحققة. فالمعايير التي يتم الاستناد عليها في بطاقة التنقيط المردودية والانضباط والبحث والتجديد) تبقى غير واضحة بالشكل الكافي وصعبة التطبيق في غياب نظام يسمح بالتتبع الفردي لكل إطار.
وعلى سبيل المثال، فإن الاستفادة من الترقية في الدرجة تتم أحيانا دون الأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والاستحقاق ودون الرجوع، في عدة حالات، للملف الشخصي للمترشح، من أجل التأكد من وضعيته الإدارية سلوكيات ماسة بالانضباط و/أو غيابات غير مبررة). وكمثال على ذلك، أظهرت قائمة تضم 202 مرشحًا للترقية بالاختيار لسنة 2019 بأكاديمية جهة الدار البيضاء سطات، أن من بين هؤلاء ، عشرون مرشحا تم استبعادهم مؤقتًا لفترات متفاوتة، بما في ذلك مرشح واحد تمت قهقرته من رتبته إلى رتبة أدنى. كما أن المرشحين المتبقين البالغ عددهم 181 مرشحًا كانوا جميعًا في حالة غياب غير مبرر لفترات تتراوح من خمسة إلى 11 يومًا. وقد بلغ متوسط النقط التي حصل عليها المرشحون البالغ عددهم 202 مرشحًا 19/20 وتعتبر وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن هذه الحالات التي لا تستجيب للمذكرات الوزارية المتعلقة بالترقية بالاختيار، تظل معزولة، مقارنة بالأعداد التي تتم ترقيتها، ولا تمس بشكل عام بمصداقية مسطرة الترقي.
من جانب اخر فإنه وبحسب التقرير دائما فإن التقييم البيداغوجي من طرف المفتشين التربويين: مؤشراته في تراجع
حددت لهيئة الإشراف والرقابة التربوية مجموعة من المهام والصلاحيات بموجب المرسوم رقم 2.02.854 المؤرخ 10 فبراير 2003 المتعلق بالنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والدوريات رقم 113 (تنظيم العمل المشترك بين المفتشين) ورقم 114 مفتشي المدارس الابتدائية ورقم 115 مفتشي الثانوي) بتاريخ 2004/9/21. وقد عرفت نسبة التأطير البيداغوجي للأساتذة من طرف المفتشين تراجعا مستمرا خلال السنوات الأخيرة، بسبب تراجع أعداد المفتشين والزيادة المهمة في أعداد الأساتذة منذ سنة 2016، بالإضافة إلى تعدد وتنويع المهام المسندة لهؤلاء المفتشين، مع هيمنة المهام ذات الطبيعة الإدارية على الجانب التربوي.
وقد ساهم إغلاق مركز التدريب الوطني لمفتشي التعليم (CNFIE) بين عامي 1999 و 2009 ، في النقص التدريجي في أعداد المفتشين وتراجع نسبة التأطير البيداغوجي، مقارنة مع ارتفاع وتيرة توظيف أطر هيئة التدريس. وتبقى الآليات التي تم وضعها من أجل مراقبة وتقييم الأساتذة غير ملائمة. ذلك أن زيارات المفتشين للأساتذة محدودة ومتباعدة زمنيا، وبالتالي، لا يمكن أن تشكل قاعدة متينة للتقييم. وفي هذا الإطار، تم تسجيل مجموع وعة من الملاحظات منها:
استغلال تقارير التفتيش الفردية من قبل مختلف الأطراف المعنية؛ عدم تقييم عمل الأستاذ من منظور تدبيري للموظفين وليس بهدف تحسين ممارسات التدريس.
إن تقييم الأساتذة من طرف هيئة التفتيش التربوي، عرف معدلات متباينة من أكاديمية إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، خلال السنة الدراسية 2020-2021 تم على مستوى أكاديمية الرباط سلا القنيطرة تحقيق 7.221 عملية تقييم لأساتذة التعليم العمومي، أي نسبة 31 تقييم لكل مفتش (عددهم (231) وبالنسبة لأكاديمية سوس ماسة، فقد أجريت 7.427 عملية تقييم، بنسبة 40 عملية لكل مفتش (عددهم (186) أما النسبة الأعلى التي تم إنجازها خلال نفس السنة، فسجلت على مستوى أكاديمية مراكش آسفي، حيث أجريت 43.545 عملية تقييم، بنسبة 184 عملية لكل مفتش (عددهم 237). التقييم الإداري من طرف مديري المؤسسات التعليمية دور مهم وموارد محدودة تستند صلاحيات مدير المؤسسة التعليمية إلى المادة 11 من المرسوم رقم 2.02.376 الصادر في 2002/7/17 المتعلق بالنظام العام لمؤسسات التعليم العمومي، ويقتصر دورهم في تقييم الأساتذة، على تقديم ملاحظات حول سلوكهم خارج الفصل الدراسي من حيث الحضور والمشاركة والاندماج في المؤسسة. وبحكم حضوره اليومي وقربه من الأساتذة، يلعب مدير المؤسسة التعليمية دورا مهما في التأطير وعلى الخصوص في عملية التقييم الإداري للأستاذ. وعادة ما يتم تأكيد النقطة التي يمنحها مدير المؤسسة من قبل المدير الإقليمي. وهذا المعطى تمت ملاحظته، بصفة عامة، من خلال عينة من استمارات التقييم من أجل الترقية. ويواجه المديرون في ممارسة مهامهم مجموعة من الإكراهات المرتبطة أساسا بنقص في الموارد البشرية (هيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي)، وتخصيص حيز مهم للمهام الإدارية تسليم الشهادات المدرسية مثلا) وللعلاقات مع الأطراف الأخرى المتدخلة في المنظومة التعليمية المديريات الإقليمية، أولياء أمور التلاميذ الشركاء الخارجيون...)، فضلا عن الإكراهات المرتبطة بالوسائل المادية الموضوعة رهن تصرفهم المعدات والصيانة والمواد البيداغوجية)، والتي غالبًا ما تكون محدودة بالنظر لحاجيات المؤسسة. ورغم كل هذه الإكراهات، فإن الممارسات التدبيرية المثلى لمديري بعض المؤسسات التعليمية، كان لها وقع إيجابي على مناخ المؤسسة، وبالتالي الرفع من وتيرة الأداء ومردوديتها الداخلية . ومن ثم، فإن منح مديري المؤسسات التربوية مزيدا من الدعم الإداري، من خلال مدهم بأطر إدارية إضافية، من شأنه أن يساهم في تعزيز دورهم المرتبط بأنشطة الإدارة التعليمية، مثل تقييم الأساتذة ودعمهم وإعداد استراتيجيات التكوين. خامسا البنيات التنظيمية ومنظومة المعلومات تواجه البنيات التنظيمية والمعلوماتية لإدارة الموارد البشرية عدة إكراهات تؤثر سلبا على مردودية ونجاعة هذه الموارد. فبالإضافة إلى تعدد المتدخلين في تدبير الموارد البشرية ومركزية القرارات، لا يتوفر القطاع الوصي على نظام معلوماتي مندمج قادر على توفير معلومات موثوقة وشاملة وفي الوقت الملائم.
المصدر : التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021 (مقتطف متعلق بقطاع التربية الوطنية)