مشروع المؤسسة الدامجة
تختلف المدرسة الدامجة كلية عما كان متعارف عليه بالنسبة للمدارس ذلات قسم الإدماج. فإذا كان هذا النوع الأخير يطالب الطفل في وضعية الإعاقة بأن يتكيف مع برامج المدرسة، أو بالأصح أن يتهيأ لكي يتكيف معها، فإن المدرسة الدامجة تستند إلى مبدأ مخالف يتجلى في كونها هي من يتكيف مع إمكانيات وحاجات الطفل، فتغير من مخططاتها التربوية الموجهة لفائدته بما يراعي تلك الإمكانيات.
إن مدرسة ذات مشروع دامج هي مدرسة كل أقسامها منفتحة على استقبال أطفال ذوي احتياجات خاصة، وليست مؤسسة تجمع الأطفال في وضعية إعاقة ضمن قسم واحد يكون هاجسه الأساسي هو حراستهم، أو في أحسن الأحوال محاولة إكسابهم تعلمات بسيطة قد لا تساعد على تطوير إمكاناتهم غير الموظفة.
إن مشروع المؤسسة الدامجة هو مشروع يعتمد أربعة محددات:
1- محدد مبدئي، ويتجلى في الإيمان بأن لكل طفل مكانه ضمن المؤسسة مع باقي زملائه الآخرين كيفما كانت حاجاته وإمكانياته (المدرسة للجميع)
2- محدد تقني، يرتكز على توفير الإمكانيات المادية والتقنية الكفيلة بمساعدة كل تلميذ(ة) على التعلم وفقا لماتؤهله إمكانياته لذلك. وتتجلى تلك الإمكانيات في معطيات لوجيستيكية (الولوجيات المادية )، ومعطيات تقنية (التوفر على العُدد والأدوات الديداكتيكية المتكيفة)؛
3- محدد تكويني، ويتعلق بمختلف التكوينات حول التربية الدامجة وطبيعتها التي يمكن أن تقدم للمدرسين والإداريين وللآباء وجمعياتهم ومختلف المتدخلين في إطار فضاء التأهيل والدعم السيكوبيداغوجي؛
4- محدد بيداغوجي، يبرز من خلال وضع هندسة دامجة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم الأطفال في وضعية إعاقة، وذلك عن طريق صياغة مشاريع أقسام بيداغوجية تتضمن مشاريع فردية تحدد فيها الكفايات المتوخاة بالنسبة لهؤلاء الأطفال، وكيفية تكييف المضامين المقدمة للقسم بالنسبة لهم، وطريقة تقويمهم التي تأخذ بعين الاعتبار وتيرتهم في التعلم وفي الإنجاز.
وهكذا يمكن لمشروع المدرسة الدامجة أن يتجاوز أسوار المؤسسة ليطال المحيط المباشر لها، وذلك من خلال تحولها إلى مركز إشعاع يروم التعبئة الجماعية حول التربية الدامجة، من خلال التوعية والعمل على تغيير الاتجاهات والمواقف من الإعاقة، وتشجيع الأسر على تسجيل أطفالها الذين يوجدون ضمن وضعية إعاقة.
إن مشروع المدرسة الدامجة هو مشروع عرضاني transversal يستحضر في كل إجراء، إداريا كان أو بيداغوجيا أو تقنيا،
وجود ذلك الطفل(ة)، أو أولئك الأطفال الذين يتواجدون بالمؤسسة، والذين بحكم وضعيتهم وحاجياتهم الخاصة يستلزمون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة قدراتهم ووتيرتهم وحاجياتهم البيداغوجية والسيكولوجية والتقنية.
إن عرضانية المشروع الدامج تعني أن تصبح التربية الدامجة حاضرة في مختلف المشاريع المصاغة والمدبرة ضمن المؤسسة، وليست مشروعا هامشيا يمكن أن ينكص بالتجربة إلى مقاربة أقسام الإدماج التي بينت التجربة الوطنية والتجارب الدولية قصورها على مستوى تطوير تعلمات المستفيدين ونماء شخصيتهم في إطار من التفاعل الكامل مع أقرانهم في الفصول الدراسية العادية.